هل تقرأ الوجوه؟

تعودت منذ صغري -منذ كنت تلميذآ- أن اتفرس في الوجوه واتعرف على الشخصيات التي اتعامل معها حتى استطيع تفهم دوافعهم الحقيقية و المعاني الخفية وراء كلماتهم. ولذلك فإني أصنف الناس الى أصدقاء قريبين، و هم الذين ارتاح في التعامل معهم و لا اضطر الى ترجمة كلماتهم و قصصهم الى معانيها الأصلية، بل أتلقاها و أفهمها كما تبدو. والى معارف استمع اليهم بتركيز حتى استطيع ان استنبط ما بين السطور و ما وراء القصص التي يقصونها علي، و المغزى الحقيقي وراء الكلام.

استمرت هذه العادة وأفادتني كثيرآ حتى عندما أقمت عملي الخاص. فقد كنت بسهولة استطيع أن أفهم الشخصية التي اتعامل معها سواء كان عميل، مورد أو موظف. فمنهم من اتعامل معه بظاهر كلامه واصدقه، ومنهم من اترجم كلامه (على الطاير)الى الدوافع الأصلية و القصة الحقيقية بل و استطيع ان اتوقع ما سوف يطلبه في نهاية اللقاء من التمهيد الذي كان يجهزني له طوال الجلسة. ولذلك كانت دائمآ ردودي سريعة وحاسمة.

لا أدّعي أن لدي الفراسة القوية التي كانت عند العرب قديما، و لكني كنت أجتهد في ذلك و لازلت، فعلى الرغم منها فقد تم خداعي عدة مرات في حياتي المهنية، ولكنها أنقذتني مئات المرات ووفقني الله بسببها في تخطي عقبات كثيرة في حياتي الخاصة و المهنية.